ينتظر الشباب اليوم مستقبل حافل بالمفاجآت وفرص الإلهام المحفزة في عالمنا الرقمي سريع التطور. لكن السؤال الذي يتبادر إلى الأذهان، هل يتم إعداد طلاب اليوم بشكل صحيح لسوق العمل مستقبلاً، وبما يتوافق مع هذا العالم الرقمي الذي يتطور بسرعة البرق؟

إننا نشعر بالسعادة عندما ندرك أن دولة الإمارات العربية المتحدة قادرة تماماً على مواجهة هذا التحدي، بفضل التغييرات الجديدة والمثيرة التي تتخذها وزارة التربية والتعليم في الدولة. ويتم تعيين وزراء وتبني أساليب وتكليف مؤسسات جديدة للعمل على إعداد الشباب بشكل أفضل لهذا العالم. ومن المتوقع إجراء تغييرات هيكلية في نظامنا التعليمي، مع التركيز على تحسين بيئة المدارس الحكومية، والتوجيه والإشراف على الأطفال منذ الولادة وحتى السنة الرابعة. وسيتولى معالي أحمد بالهول الفلاسي، وزير الدولة الحالي لريادة الأعمال والشركات الصغيرة والمتوسطة، منصب وزير التربية والتعليم، وستكون معالي سارة الأميري، وزيرة دولة للتعليم العام والتكنولوجيا المتقدمة ورئيس وكالة الفضاء الإماراتية، مسؤولة عن الإشراف على التعليم العام وآليات تعليم التكنولوجيا للشباب.

إن هذا التغيير الهيكلي يوضح الكثير عن الاتجاه للتركيز على المستقبل الذي نتجه إليه، والاهتمام الذي نوليه لتعليم شبابنا ليكونوا جديرين بوظائف الغد. ووفق المنتدى الاقتصادي العالمي، سيتم توظيف 65% من أطفال المدارس الابتدائية اليوم في وظائف غير موجودة حتى اليوم. وفي الوقت نفسه، ستصبح العديد من الوظائف الموجودة اليوم مؤتمتة بواسطة الذكاء الاصطناعي والتعلم الآلي في المستقبل. وبناءً على تقرير صادر عن وكالة “ماكينزي غلوبال”، من المتوقع أن تتم أتمتة نصف الأنشطة في أماكن العمل تقريباً في المستقبل. وسيؤدي هذا بالمجمل إلى تغيير الكثير مما يحتاج إليه الشباب من النظام التعليمي المعمول به في يومنا هذا. ونرى في أنفسنا محظوظين لأننا نعيش في بلد تتمتع قيادته بالبصيرة والرؤية لوضع كل هذه التوقعات في الحسبان عند التخطيط للتعليم في المستقبل.

الإمارات: منارة للتعليم

لقد ركزت دولة الإمارات العربية المتحدة على التعليم، واتخذت منه حجر الزاوية لتحقيق النجاح والتنمية والنمو. ويستدل على ذلك من خلال نهج صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي – “رعاه الله” الذي يتخذ من التعليم إحدى الركائز الأساسية للتقدم السريع في البلاد. ويقول سموه في هذا الصدد: “نراهن على التعليم في سباق الأمم.. والاستثمار في تنمية الإنسان هو الاستثمار الوحيد الذي لا يعرف الخسارة.. وهدفنا أن نكون الأفضل في التعليم عالمياً. نريد نظاماً تعليمياً لا يعتمد على تلقين المعلومات.. بل يدرب العقل على الإبداع والابتكار في التفكير”.

وبدءاً من بناء المعالم المعمارية المذهلة التي ترسم آفاق المدن في الدولة، وإرسال البشر وإطلاق المسابر إلى الفضاء، والكشف عن المبادرات الرائدة التي يتم استنساخها من قبل بقية العالم، تعد الإمارات العربية المتحدة منارة لدعم قيمة التعليم، حيث احتلت مؤخراً المرتبة الأولى عالمياً في ثلاثة مؤشرات تتعلق بالهدف الرابع من أهداف التنمية المستدامة المتمثل في جودة التعليم. وتبوأت أيضاً المرتبة الأولى في مؤشر الالتحاق بالتعليم الابتدائي ومحو الأمية في تقرير الفجوة بين الجنسين العالمي الذي نشره المنتدى الاقتصادي العالمي، والمرتبة الأولى في مؤشر التدفق الصافي للطلاب الدوليين الذي نشرته وكالة “آي إم دي”.

مبادرات مؤسسة حسين سجواني-داماك الخيرية

لقد مثّل كل هذا مصدر إلهام لنا في مؤسسة حسين سجواني-داماك الخيرية للبناء على التقدم والتميز الراسخين اللذين تطرقنا إليهما أعلاه. ويسرنا أن نعلن عن تعاوننا الاستباقي مع مشروع مدارس دبي، بهدف تقديم منح دراسية لأبناء دولة الإمارات العربية المتحدة لمدة خمس سنوات. لقد كانت هذه المبادرة بحق قريبة جداً إلى قلبي، اعتقاداً مني أنه لا ينبغي حرمان أي طفل من التعليم بسبب الصعوبات المالية.

إننا في المؤسسة نبحث دائماً عن طرق للمساعدة في دعم المجتمعات المحلية، كون التعليم يعد جزءاً لا يتجزأ من روحنا كمؤسسة خيرية. ويستحق كل طفل الحصول على التعليم المناسب، وتوفير كافة الأدوات التي يحتاجون إليها لتأسيس حياتهم المهنية، وإعالة أسرهم، وليكونوا قادة الغد.

وتأتي هذه المبادرة الجديدة في أعقاب إطلاق مبادرة “جدد حياتك من داماك” التي تم الإعلان عنها في بداية شهر رمضان من هذا العام، لمساعدة الموقوفين في المؤسسات العقابية والإصلاحية في دبي، من المتهمين بارتكاب جرائم صغيرة. وتشكل هذه الأنشطة جزءاً من المبادرات التي تطلقها المؤسسة في ثلاثة مجالات من إستراتيجية المسؤولية الاجتماعية للشركات للعام الجاري 2022.

مبادرة المليون مبرمج عربي

أطلق صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم – “رعاه الله” مبادرة المليون مبرمج عربي في العام 2017، وكان هدفها تشجيع الشباب العربي على تعلم لغة البرمجة ليكونوا على أتم جاهزية للتغيرات الجذرية المستقبلية في قطاع التكنولوجيا وسوق العمل. وتضم المبادرة التي اختتمت مؤخراً، مجتمعاً عالمياً من الطلاب الذين قرروا إعادة تعريف مجالات اهتمامهم، والمعلمين الذين يكرسون أوقاتهم لمساعدة هؤلاء الطلاب على التعلم، والمؤسسات التجارية التي تستثمر معارفها ومواردها لدعم هذا الموضوع. إن تعزيز الأسباب المستدامة لتحسين المجتمع يعد المبدأ الجوهري الذي تقوم عليه مؤسسة حسين سجواني – داماك الخيرية، ونفخر بتبني هذه المبادرة التي توفر طريقاً مباشراً نحو مستقبل مزدهر.

ما ينبغي علينا القيام به؟

يقع على عاتقنا اليوم ضمان حصول الطلاب على جميع الأدوات التي يحتاجون إليها ليكونوا جديرين بوظائف المستقبل. وسيكون للتغييرات الجذرية المبتكرة في نماذج الأعمال تأثير عميق على سوق العمل خلال السنوات المقبلة. ومن المتوقع أن يكون للعديد من دوافع التغيير الرئيسية المنتشرة حالياً عبر القطاعات العالمية تأثير كبير على الوظائف، لاسيما وأن بعضها أصبح غير ذي صلة بالواقع، وسيتم استحداث وظائف جديدة بدلاً منها. إننا نرى البدايات تلوح بالأفق، والدليل على ذلك أن بعض المهن الأكثر طلباً في الوقت الحالي لم تكن موجودة حتى قبل عشر أو حتى خمس سنوات. ومع ذلك، فإن التغييرات التي يشهدها سوق العمل ستتسارع وتيرتها خلال السنوات القادمة.

وبشكل عام، يتمثل الهدف في توفير أدوات تعليمية بدءاً من المراحل المبكرة جداً لإعداد الطلاب لسوق العمل الحديث. وتستثمر دولة الإمارات العربية المتحدة بكثافة في القطاعات الرقمية المستقبلية، ويتطلب هذا النهج خبرة في جميع أنحاء العالم. ولهذا السبب، فإن الالتزام بالمبادرات التعليمية المفيدة التي تطرقنا إليها، سيساعد في إعداد أطفالنا ليصبحوا أعضاء منتجين في المجتمع في السنوات القادمة.

التعليم من أجل الغد

ينتظر الشباب اليوم مستقبل حافل بالمفاجآت وفرص الإلهام المحفزة في عالمنا الرقمي سريع التطور. لكن السؤال الذي يتبادر…