تحظى مدينة دبي بتاريخ مُشرِّف في قيادة التغيير والتفكير المعاصر، والذي يعود إلى بداياتها كميناء تجاري صغير وصولاً إلى تحولها إلى مركز عالمي مرموق للسياحة والتجارة والاستثمار. فموقعها الاستراتيجي، وبنيتها التحتية المتطورة، ومواردها العديدة المتاحة، واستقرارها السياسي، جميعها عوامل أسهمت في تحقيق هذا التحول السريع، إلا أن الإصرار المستمر لمدينة دبي وقدرتها الفريدة على إعادة اكتشاف نفسها، هي الحوافز التي تدعم رحلة تطورها الاستثنائية.
وفي الوقت الذي تستعد فيه مدينة دبي للاحتفال بمرور 200 عام على تأسيسها، وضعت القيادة الرشيدة لمدينة دبي وعلى رأسها صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، “أجندة دبي الاقتصادية” (D33) في موضع التنفيذ، مما سيمكنها من أن تصبح نافذة على مستقبل الشرق الأوسط والعالم.

وتشمل الأجندة الطموحة التي أُعلِن عنها مؤخراً، العديد من الأهداف والتطلعات التي يجري التخطيط لتحقيقها خلال العقد المقبل. وتستهدف الأجندة جعل مدينة دبي ضمن أفضل ثلاث مدن اقتصادية في العالم، وواحدة من أهم ثلاث وجهات عالمية للزوار في مجالات السياحة التخصصية والأعمال، فضلاً عن تأكيد مكانتها ضمن أفضل أربعة مراكز مالية عالمية، ومن أهم خمسة مراكز لوجستية حول العالم، وذلك بالإضافة إلى العديد من الأهداف الأخرى. ومن المستهدف أن تصبح مدينة دبي المركز الاقتصادي العالمي الأهم في عام 2033، وهو العام الذي تُكمِّل فيه مدينة دبي الحديثة 200 عام، مع الأخذ بالاعتبار 100 مشروع تحولي خُطِّط لها لدعم تحقيق مستهدفات أجندة دبي الاقتصادية.

وكما هو التوجه في العديد من الخطط الإستراتيجية السابقة، فالتنوع الاقتصادي يشكّل المحور الأساسي للأجندة الاقتصادية الجديدة. وعلاوةً على التوجه نحو تطوير قطاع التجارة التقليدية والقطاعات الاقتصادية، فإن خارطة الطريق ضمن الأجندة الجديدة ترتكز بشكل أساسي على تعزيز الاستثمار في قطاعات النمو المستقبلي، إذ يأتي النمو الاقتصادي المستدام والاكتفاء الذاتي في القطاعات والمجالات الرئيسية على رأس أولويات مدينة دبي. ومن هذا المنطلق، ستسهم الأجندة في فتح آفاق جديدة للقطاع الخاص لتحقيق المزيد من الازدهار والنمو. ومن المتوقع أن يحقق اقتصاد دبي نمواً مضاعفاً ليسجل 32 تريليون درهم إماراتي على مدى السنوات العشر القادمة، وذلك في ظل المشاريع والمبادرات الجديدة التي يجري إطلاقها.

تُشكِّل كلٌّ من الشراكات والتكنولوجيا والتعليم وتمكين الأفراد، المجالات الرئيسية الأربعة ضمن الأجندة الاقتصادية الجديدة، والتي تعكس جميعها محور اهتمامي الشخصي. فالأجندة الجديدة تولي حرصاً كبيراً على ترسيخ شراكات مدينة دبي مع سائر دول العالم لتعزيز التجارة الخارجية، إذ تهدف مبادرة ممرات دبي الاقتصادية المستقبلية 2033، إلى تعزيز علاقات التجارة الخارجية الحالية مع أفريقيا وأمريكا اللاتينية وجنوب شرق آسيا. كما ستسهم خطة إضافة 400 مدينة ضمن لائحة الشركاء التجاريين الرئيسيين، في تحقيق نقلة نوعية في مسيرة نمو مدينة دبي. وستُمكِّن هذه المبادرات حتماً مدينة دبي من تسخير نقاط القوة لدى شركائها لإيجاد المزيد من فرص العمل الجديدة، وتتيح لهم إمكانية الازدهار والنمو في الوقت نفسه.

ومن أبرز العوامل الرئيسية التي تميز دبي عن غيرها من المدن، هو رغبتها في احتضان واعتماد هذه التقنيات الجديدة، إذ ليس مستغرباً أن تأتي التكنولوجيا ضمن أبرز محاور أجندة دبي الاقتصادية. فالقيادة الرشيدة لمدينة دبي ذات الرؤية المستقبلية الثاقبة تولي اهتماماً كبيراً بالابتكار والتقنيات المستقبلية، الأمر الذي يعكس الرؤى الواعدة لتعزيز مكانة مدينة دبي كمركز تكنولوجي عالمي. لذلك، يشكّل برنامج “ساندبوكس” الذي يهدف إلى جعل مدينة دبي مركزاً رئيسياً لاحتضان الابتكارات عبر السماح باختبار وتسويق المنتجات والتقنيات الجديدة، خطوةً مهمةً نحو تحقيق هذا الهدف عبر جذب المزيد من المواهب التقنية ورجال الأعمال، إذ تستهدف أجندة دبي الاقتصادية توليد قيمة اقتصادية جديدة من التحول الرقمي نحو الاقتصاد الجديد بمتوسط 100 مليار درهم إماراتي سنوياً.

بالإضافة إلى الشق الاقتصادي، ترتكز أجندة دبي الاقتصادية بشكل كبير على الارتقاء بالمستوى التعليمي وتعزيز رأس المال البشري، إذ يُعَد التوجه نحو جعل دبي مركزاً للتعليم العالي والاستثمار في التنمية البشرية وأصحاب المهارات والمتخصصين، أحد المكونات الأساسية ضمن الأجندة. والجدير ذكره أن القيادة الرشيدة لمدينة دبي تضع في مقدمة أولوياتها دمج الأجيال الجديدة من الإماراتيين في القطاع الخاص. ومن المقرر أن تسهم خطة استقطاب 65 ألف شاب وشابة إماراتيين للعمل في القطاع الخاص خلال العقد المقبل، في تحقيق تأثير إيجابي في تعزيز التنمية الاقتصادية والمجتمعية المستدامة.

وتماشياً مع هذه المبادرة الرائدة، نفخر بالتعاون القائم والاستباقي بين ذراع المسؤولية الاجتماعية التابع لمجموعة داماك، مع مؤسسة صندوق المعرفة ومشروع مدارس دبي لتقديم منح دراسية للأطفال الإماراتيين لمدة خمس سنوات.
وبصفتي شاهداً حياً على مسيرة النمو الرائدة التي حققتها مدينة دبي على مدى العقود الماضية، فإنني على قناعة بجودة وتفرد أجندة دبي الاقتصادية التي صُمِّمت لتعزيز نمو وتطور دبي بطرقٍ غير مسبوقة، نظراً إلى الفرص التي ستوفرها على مستوى مختلف القطاعات. فالفرص عديدة والأهداف حُدِّدت بدقة، لذلك فإنها مجرد مسألة وقت حتى نرى دبي تتجه نحو التنمية الاقتصادية الشاملة، والازدهار المستدام، والريادة العالمية في القطاعات والمجالات الرئيسية.

حسين سجواني
مؤسس ورئيس مجلس إدارة مجموعة داماك