المصدر: الخليج

باعتبارها وجهة مصممة، لتلبية احتياجات الناس الذين يجعلون منها المدينة العالمية الأبرز والأكثر شهرة على الإطلاق، شهدت دبي تطوراً مستمراً مكّنها من التغلب على التحديّات الحضرية واستيعاب النمو الكبير لبنيتها السكانية.

كتب هيرب كاين، كاتب العمود الشهير في سان فرانسيسكو، ذات مرة: «لا تُقاس المدينة باتساع مساحتها وارتفاع أبنيتها، بل بسعة رؤيتها وارتفاع سقف أحلامها». وتعود هذه الكلمات لتطرق باب الذاكرة مجدداً في كل مرة أراقب فيها غروب الشمس خلف خط أفق دبي المذهل.

ولطالما كانت هذه الإمارة، التي تجسّد مقر التقاء أصحاب الرؤى والحالمين وصانعي التغيير، موطناً لجميع الجنسيات من جميع أنحاء العالم منذ عقود خلت. إذ ينسجم نموها مع التطلعات الكبرى للدولة، وتكتمل ملامح شخصيتها الفريدة من خلال سكانها متعددي الثقافات والجنسيات. وباعتبارها وجهة مصممة لتلبية احتياجات الناس الذين يجعلون منها المدينة العالمية الأبرز والأكثر شهرة على الإطلاق، شهدت دبي تطوراً مستمراً مكّنها من التغلب على التحديّات الحضرية واستيعاب النمو الكبير لبنيتها السكانية النابضة بالحياة واقتصادها المزدهر.

ومرة أخرى، تتغير تطلعات ومتطلبات دولة الإمارات في الوقت الذي تحاول فيه التحول إلى وجهة أكثر جاذبية للاستثمارات الأجنبية والعمالة المتخصصة والماهرة. وتتحول الإمارات العربية المتحدة في الوقت الراهن إلى بيئة مؤاتية للأشخاص الباحثين عن الاستقرار على المدى الطويل، بعد أن كانت تمثل في يوم من الأيام وجهة مفضلة للمغتربين العابرين. ومرة جديدة، تحتاج المدينة إلى الاستجابة إلى النسيج الاجتماعي المتغير وإعادة ترتيب أوراقها وفقاً لذلك. فقد حان الوقت الآن لتدخل دبي في حقبة جديدة تحمل عنوان تحديث المناطق الحضرية.

ويعني تحديث المناطق الحضرية، بمعناه السطحي، عملية تحسين البنية المادية لمدينة ما من أجل دعم التطلعات الاقتصادية للدولة من خلال إنشاء أماكن يرغب الناس بالعيش فيها. ولكن في جوهره، يتمحور هذا المفهوم حول جعل المجتمعات نقطة الانطلاق والعامل الأهم الذي تتم مراعاته في جميع القرارات ذات الصلة بالتخطيط الحضري. ويتمثل الغرض الشامل منه في إيجاد مدينة تلبي تطلعات سكانها. ولا يعتبر هذا المفهوم جديداً على دبي؛ فهناك العديد من الأمثلة على مشاريع عالمية المستوى منتشرة في جميع أنحاء الإمارة، ساهمت في تعزيز حياة المجتمعات حولها.

ويعتبر إنشاء «قناة دبي المائية»، التي أوجدت وجهة جديدة بالكامل لأنماط الحياة والمعيشة الفارهة بالقرب من «وسط مدينة دبي»، مثالاً رئيسياً على قدرة المدينة على إعادة اكتشاف نفسها في إطار الاستجابة لتطلعات سكانها. كما يعد التطور السريع للمناطق المحيطة بموقع معرض «دبي إكسبو 2020»، بما في ذلك مطار دبي الجديد، مثالاً ممتازاً آخر على ما توليه المدينة من تركيز على مسألة إنشاء مناطق نمو جديدة.

وقد عقدت القيادة الحكيمة العزم على تحويل مستقبل الإمارات مرة أخرى والارتقاء بها. وتشير المبادرات الحكومية الأخيرة إلى مستقبل أكثر إشراقاً بالنسبة للاستثمارات الخارجية ومخزون الدولة من المواهب العالمية. ومن هذه المبادرات القرار الخاص بإصدار تأشيرات دخول طويلة الأمد للعمالة المتخصصة الماهرة من السياسات الرامية لتقليص تكاليف ممارسة الأعمال التجارية في الدولة.

وباعتبارها إحدى أهم مراكز أجندة التنويع الحكومية، تشهد دبي تحولات متسارعة تزيد من مكانتها العالمية كمركز يستقطب رواد الأعمال والشركات وكبرى شركات التكنولوجيا والأفراد ذوي المهارات العالية من جميع أنحاء العالم. وبينما تبدأ تركيبة دبي السكانية بالتغير، تتغير أيضاً التوقعات المنتظرة منها. كما تشهد الإمارة مستويات متنامية من الطلب على مشاريع التطوير العمراني والحضري متعددة الاستخدامات، والتي توفر للمجتمعات فرصة العمل والازدهار على نطاق واسع. هذا كما يوفر هذا النوع من المجمعات السكنية للعائلات بنية تحتية شاملة تقدم لهم وسائل راحة عالمية المستوى ومرافق أساسية كالتعليم والرعاية الصحية وسهولة الوصول إلى مراكز المدن وموانئ السفر. ويتحمل مطورو المشاريع العقارية في المنطقة مسؤولية الاستجابة إلى هذا الوجه المتغير لمدينة دبي وتقديم مساحات معيشة مجتمعية يمكن لها تسهيل مسيرة النمو التي تتجه دبي نحوها.

لطالما اتسمت رؤيتنا واستراتيجيتنا في «داماك» بنهجها الاستباقي. ولذلك نجحنا في تحقيق النمو جنباً إلى جنب مع هذه الإمارة العظيمة، ولطالما تمكنا من إدراك احتياجاتها المتغيرة. ولذلك أصبحنا نعي أهمية إنشاء مشاريع شاملة على الدوام تنطوي على مناطق مبتكرة وفائقة التطور للعمل والمعيشة والترفيه.

وفي النطاق العالمي، هناك العديد من الأمثلة على المدن القديمة – من سيؤول إلى أحمد آباد – التي تنفذ مشاريع تحديث المناطق الحضرية في الأراضي غير المستغلة بالصورة الكافية أو المناطق الحضرية المتعثرة، لكن تأتي دبي بشكل مختلف، إذ تُعتبر مدينة حديثة حققت تقدماً مذهلاً في ظل قيادة فاعلة وقادرة وحكيمة وتمتلك من البصيرة ما يكفي لاستشراف مستقبل مزدهر.

وفي هذه الإمارة نمتلك العاملين الأكثر أهمية اللذين نحتاج إليهما لوضع تصورات جديدة لمساحات المعيشة في المدينة، وهي السياسات الحكومية الداعمة والبنية التحتية ذات التخطيط الجيد التي تشجع الناس على قبول الأماكن الجديدة. ومع ذلك، يتمثل الجانب الفريد الذي يميز دبي بالطاقة الديناميكية لمجتمعاتها مع ما تنطوي عليه من ثقافات وخلفيات متنوعة. ولهذا السبب، يتعين على المطورين إدراك أن تلبية متطلبات الإسكان المتزايدة لا يقتصر فقط على إنشاء الوحدات السكنية، بل يمتد أيضاً، ليشمل تحديث الأحياء والمجتمعات الحالية. وعلاوةً على ذلك، يتمحور هذا الأمر حول إنشاء بيئة مناسبة للمستقبل مع أخذ الاعتبارات البيئية والاجتماعية في صميم المشاريع وخطط التجديد بأكملها.

وتمثل البنية التحتية العقارية لمدينة ما طموح هذه المدينة وتُعتبر مساهماً رئيسياً وفاعلاً في تحقيق كل خططها للنمو والازدهار. وننظر اليوم إلى صورة أفق دبي المذهلة التي ترسم كل يوم قصة نجاح حقيقي. فهي تتحدث عن رحلتنا التي قطعناها حتى الآن وما تبقى أمامنا من طريق. ولكن يأتي الغد حاملاً بين طياته العديد من التحديات الجديدة والفرص اللامتناهية لإعادة تصور وتصميم وإنشاء المدينة التي يطلق عليها العالم بأسره اسم «الوطن».